الاستخبارات المغربية و"داعش".. حرب أمنية مُعقدة للكشف عن خلايا التطرف النائمة داخل المملكة وخارجها 

 الاستخبارات المغربية و"داعش".. حرب أمنية مُعقدة للكشف عن خلايا التطرف النائمة داخل المملكة وخارجها 
الصحيفة من الرباط 
الثلاثاء 16 ماي 2023 - 15:10

تخوص الاستخبارات الأمنية، حربا طاحنة مع الجماعات الإرهابية التي تغذت على التطرف الديني خلال العقدين الماضيين وأسست لأساليب متطورة هدفها التخريب وصناعة الفوضى في المملكة المغربية، كما في العديد من دول العالم. ومن خلال التعاون الأمني والاستخباراتي المغربي مع العديد من الأجهزة الاستخباراتية الدولية، من أبرزها الاستخبارات الأمريكية، والإسبانية، والإيطالية، وقبلها الهولندية والفرنسية، تم تفكيك العديد من الخلايات الإرهابية، كمجموعات أو كـ"ذئاب منفردة" كانت تستهدف مصالحا حيوية وارواح مواطنين داخل المغرب وخارجه. من خلال هذا التقرير نعيد تركيب بعض العمل الأمني والاستخباراتي الذي فكك العديد من خلايا "داعش" و"القاعدة" خلال السنوات الأخيرة.

لم تكن الندوة الصحفية التي عقدها مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، حبوب الشرقاوي، بمقر المكتب بمدينة سلا، يوم 17 مارس 2023، ندوة عادية، إذ لم يكن الأمر يتعلق فحسب بكشف ملابسات جريمة بشعة راح ضحيتها شرطي مرور بمنطقة الرحمة في حد السوالم بضواحي الدار البيضاء أثناء تأديته لمهامه، ولكن أيضا بتأكيد رسمي بأن الأمر يتعلق بجريمة إرهابية، لكن حل لغزها حال دون مرور منفذيها إلى تنفيذ جرائم أخرى كان يمكن أن يكون وقعها أكبر بكثير.

وأبانت ندوة الشرقاوي عن أن المغرب مازال مستهدفا من طرف موالين لتنظيم "داعش"، والذين تمكنوا مرة أخرى من إراقة الدماء بالمملكة، بعد أن نجحوا في ذلك لآخر مرة في 18 دجنبر 2018 حين قُتلت سائحتان من الدانمارك والنرويج بقرية شمهروش بمنطقة إمليل بنواحي مراكش، وهذه المرة لم يكن الأمر أقل بشاعة، فالمُنفذون الذين هاجموا الشرطي غدرا، قاموا بحرق جثته بعد تصفيته، ثم استولوا على سلاحه الوظيفي وأصفاده تمهيدا لمخطط أكبر.

شبح الإرهاب يحيط بالمغرب

بتاريخ 15 مارس 2023، قال بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني إن عناصر المصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة الدار البيضاء، بتنسيق وثيق مع الفرقة الوطنية للشرطة القضائية والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، تمكنت من توقيف ثلاثة متطرفين موالين لتنظيم "داعش"، وذلك للاشتباه في تورطهم في ارتكاب جريمة القتل العمد في إطار مشروع إرهابي، والتي كان ضحيتها شرطي أثناء مزاولته لمهامه، وكان الهدف من الاستيلاء على سلاحه هو تنفيذ جريمة سطو على وكالة بنكية.

وبقدر ما كانت هذه الجريمة صادمة للرأي العام، بقدر ما كشفت أهمية الضربات الاستباقية التي توجهها الأجهزة الأمنية المغربية للخلايا الإرهابية، على الرغم من تعقيدات ذلك، فأحيانا يتعلق الأمر بأفراد يحملون أفكارا متطرفة يعملون سرا، والذين يوصفون بـ"الذئاب المنفردة"، وأحيانا بأشخاص لم يتطرفوا إلا قبل مدة وجيزة، لدرجة أن بعضهم كانوا من أصحاب السوابق في جرائم أخرى كالسرقة أو تجارة المخدرات، وهو ما حدث مع الموقوفين في قضية شرطي الرحمة.

وبالرجوع إلى ما جاء على لسان الشرقاوي، يتضح أن "أمير" الخلية البالغ من العمر 31 سنة والذي لا يتجاوز مستواه التعليمي السنة الثالثة إعدادي وسبقت إدانته في جرائم الحق العام، وأكدت الأبحاث والتحريات أنه ومن معه لم يعلنوا مبايعة تنظيم "داعش" إلا قبل شهر ونصف، ما يعني أنهم تشبعوا بالأفكار المتطرفة قبل فترة وجيزة، كما أن أحد الموقوفين الثلاثة، ويبلغ من العمر 50 عاما، سبق أن أدين في جرائم تتعلق بالسرقة بالعنف وحيازة المخدرات.

جدار صد أمام مئات الجرائم

أضحت عمليات مكافحة الإرهاب تتصدر أرقام المؤسسات الأمنية الوطني. ففي 23 دجنبر 2022، وخلال عرض المديرية العامة للأمن الوطني حصيلتها السنوية، وتحديدا في الشق المتعلق بمكافحة الإرهاب والتطرف والإشادة بالأعمال الإرهابية، اتضح أن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية أحالت على النيابة العامة المختصة 20 شخصا، مسجلة بذلك تراجعا بنسبة 23 بالمائة مقارنة مع سنة 2023، وذلك دون احتساب الخلايا الإرهابية التي تم تفكيكها من طرف المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني.

وفي 16 ماي من السنة نفسها، وبمناسبة الذكرى الـ66 لتأسيس المديرية العامة للأمن الوطني، أصدرت هذه الأخيرة تقريرا يُجمل حصيلة عملها منذ سنة 2015، تاريخ تولي عبد اللطيف الحموشي مسؤولية إدارتها العامة، وخلال هذه السنوات السبع تمكنت المصالح الأمنية، وبتنسيق دائم مع مديرية مراقبة التراب الوطني، من توقيف 556 شخصا متورطا في جرائم الإرهاب، وذلك بفضل تقوية المراقبة الأمنية الصارمة والدقيقة لمراكز الحدود البرية والبحرية والجوية، مع وضع سلسلة من الإجراءات والتدابير التقنية.

ويبرز تنظيم "داعش" كأحد أبرز المُطاردين من طرف الأجهزة الأمنية المغربية خلال السنوات الماضية، فقد كشفت وزارة الداخلية، في نونبر من العام الماضي، أمام لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة بمجلس النواب، أن العمليات الأمنية التي قامت بها الأجهزة المغربية فككت خلايا موالية لهذا التنظيم في عمالات وأقاليم مراكش وطنجة وتطوان والقنيطرة والعرائش والفقيه بن صالح وتارودانت وتازة والرشيدية وبركان وتزنيت والناظور، وحتى في مليلية.

وتبرز معطيات وزارة الداخلية المخططات الخطيرة لتلك الخلايا، إذ إن نتائج البحث كشفت عن نوايا مهاجمة أشخاص ومسؤولين، بالإضافة إلى منشآت حكومية جرى تحميل وتنزيل صورها وإحداثياتها من تطبيقات موجودة على شبكة الإنترنت لتسهيل استهدافها، كما كانت تلك التنظيمات تخطط لعمليات تصفية جسدية ضد عناصر القوة العمومية، وبعض المنتسبين لقطاعات حكومية معينة، إلى جانب استهداف مؤسسات مصرفية وبنكية لضمان الدعم والتمويل اللازم لعملياتها، وفق تقرير الداخلية.

أهمية الضربات الاستباقية

قد يظهر أن المغرب بعيد عن سيناريوهات الهجمات الدامية والاغتيالات التي تعيشها العديد من الدول في محيطه الإقليمي، لكن ذلك ما كان ليتأتى لولا الضربات الاستباقية للأجهزة الأمنية التي أفشلت العديد من المخططات الخطيرة، ولنعد على سبيل المثال إلى بلاغ المكتب المركزي للأبحاث القضائية الصادر بتاريخ 2 مارس 2022، والذي أعلن توقيف عنصر موالٍ لداعش يُشتبه في تورطه في الإعداد لتنفيذ مخططات إرهابية لها امتدادات وتقاطعات عابرة للحدود الوطنية، في إطار مشروع جماعي يهدف المس الخطير بالنظام العام.

ووفق المكتب المعروف اختصارا بـ"البسيج"، فإن هذه العملية التي جرت بمنطقة "فم زكيد" بضواحي طاطا، كشفت أن المشتبه فيه الذي يبلغ من العمر 27 سنة، قام بتحميل وتجميع العديد من المحتويات الرقمية من مواقع متطرفة، بغرض الإلمام بطبيعة المواد والمستحضرات الموجودة في الأسواق التي تدخل في صناعة المتفجرات، والتدرب على كيفية إعدادها وتحضيرها لصنع أجسام متفجرة لاستعمالها في عمليات إرهابية باستخدام سيارة مفخخة.

وحالت هذه العملية دون تنفيذ سيناريوهات دامية خطيرة، حيث إن المشتبه فيه كان يحضر لتنفيذ مشروعه الإرهابي بإيعاز وتنسيق مع شخص متطرف ينشط خارج المغرب له ارتباط بأحداث إرهابية بأوروبا، والذي تكلف بمهمة توفير الإمداد المالي والدعم اللوجيستيكي لاقتناء الأسلحة ومستلزمات صناعة المتفجرات، بينما عُهد للمشتبه فيه الموقوف بالمغرب بمهمة استقطاب وتجنيد الأشخاص المنذورين لتنفيذ المخطط الإرهابي بالمغرب، وفق "البسيج".

وأورد المكتب أن إجراءات البحث كشفت أن هذا المخطط الإرهابي كان يستهدف مهاجمة مواطنين أجانب بالمغرب، وبعض المسؤولين السامين في مؤسسات وزارية وأمنية، علاوة على العديد من المنشآت الحكومية والمصرفية والبنايات الأمنية الحساسة، والتي تم تحميل وتنزيل صورها وإحداثياتها من تطبيقات موجودة على شبكة الأنترنت، لتسهيل استهدافها.

وقد مكنت إجراءات التفتيش المنجزة بمنزل المعني بالأمر، وفق "البسيج"، من حجز مجموعة من المواد المشبوهة بكميات متفاوتة، والتي تدخل في صناعة وإعداد المتفجرات، وهي عبارة عن مادة الكبريت ومسحوق الفحم وكمية من الأسمدة وميزان إلكتروني، بالإضافة إلى معدات معلوماتية تتضمن بيانات رقمية حول كيفية صنع المتفجرات، وملصقات حائطية ذات حمولة متطرفة، فضلا عن مخطوط مكتوب بخط اليد في شكل "وصية" يتوعد فيها بتنفيذ عمليات إرهابية.

"البسيج".. المزيج الأمني الاستخباراتي

لا يمكن الحديث عن مسار مكافحة الإرهاب بالمغرب دون المرور عبر محطات مفصلية تراكمية أعطت للمملكة هوية متفردة في هذا المجال، انطلاقا من هجمات 11 شتنبر 2001 بنيويورك وواشنطن التي دفعت الرباط إلى إعلان انخراطها "المباشر واللامشروط" في التحالف العالمي لمحاربة الإرهاب، ثم استهداف المغرب في 16 ماي 2003 بهجمات الدار البيضاء الدامية، والتي تلاها صدور قانون الإرهاب 03 – 03 في 28 ماي 2003.

ورغم ذلك، فإن المغرب ظل مستهدفا بالمخططات الإرهابية، على غرار ما جرى في 28 أبريل 2011 حين تم تفجير مقهى "أركانة" بمراكش الذي نفذه أشخاص مرتبطون بتنظيم القاعدة، وأدى إلى سقوط 17 قتيلا وعشرات الجرحى من بينهم مغاربة وأغلبهم سياح من من جنسيات فرنسية وسويسرية وبريطانية وكندية وروسية وبرتغالية وهولندية، لذلك كان لزاما على الرباط المرور إلى الخطوة الموالية في استراتيجية مكافحة الإرهاب، تمزج بين العمل الاستخباراتي والتدخل الأمني.

وعلى هذا الأساس، جرى تأسيس المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني في 20 مارس 2015، وتم تحديد مجال اشتغاله في النظر في الجرائم الإرهابية والعصابات الإجرامية وجرائم القتل والتسميم والمخدرات والمؤثرات العقلية، وكذا تزوير العملة وسندات القرض العام وكذا جرائم حماية الصحة العامة والأسلحة والذخيرة والمتفجرات والاختطاف واحتجاز الرهائن، وعمليًا أصبح هذا الجهاز العمود الفقري في عمليات تفكيك الخلايا الإرهابية بالمملكة.

وللوقوف على حصيلة عمل "البسيج"، نعود إلى تصريحات مديره حبوب الشرقاوي في غشت من سنة 2022، التي تلت سلسلة من العمليات الاستباقية، حيث قال إن المكتب المركزي للأبحاث القضائية، باعتباره الذراع القضائية للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، قام منذ إحداثه سنة 2015 بتفكيك 83 خلية إرهابية منها 77 خلية لها علاقة بتنظيم داعش و6 خلايا لها علاقة بما يطلق عليه "الاستحلال والفيء"، والتي تُشرعن أنشطتها الإجرامية بغرض تمويل أهداف إرهابية تنطوي على المس الخطير بالنظام العام.

ووفق الشرقاوي فإنه خلال السنوات السبع الأولى من عمل المكتب، جرى تقديم 1347 شخصا لهم علاقة بالإرهاب والتطرف إلى العدالة بتنسيق مع النيابة العامة المختصة لدى محكمة الاستئناف بالرباط، إلى جانب 14 امراة و34 قاصرا، بالإضافة إلى تقديم 137 من العائدين إلى المملكة، منهم 115 أتوا من الساحة السورية العراقية، و14 عنصرا أتوا من فرع تنظيم "داعش" بليبيا، و8 عناصر تمت إعادتهم إلى أرض الوطن بمبادرة وتنسيق بين المملكة المغربية والولايات المتحدة الأمريكية في إطار التحالف الدولي.

نجاح مغربي عابر للحدود

قوة العمل الأمني والاستخباراتي المغربي في مجال مكافحة الإرهاب، لا يتوقف فقط عند حدوده الوطنية، بل يمكن القول إن الرباط نالت سمعة كبيرة في هذا المجال بفضل تعاونها الاحترافي مع عواصم أخرى، وقد أدى ذلك إلى تجنيب العديد من الدول، ومن بينها الولايات المتحدة الأمريكية وبلدان الاتحاد الأوروبي، حمامات من الدماء، أو أفضت إلى الوصول إلى أشخاص متورطين في جرائم إرهابية.

وفي هذا السياق نعود إلى ما أعلنه مدير المكتب المركزي للتحقيقات القضائية، في يناير من سنة 2021 حين أعلن أن المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني قدمت معلومات دقيقة لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي، حول عسكري أمريكي تم اعتقاله في 19 يناير 2021، وكان يُخطط لتنفيذ هجمات ستُذكر الأمريكيين بأحداث 2001.

وقال الشرقاوي إن العسكري الأمريكي المسمى كول بريدجز، الذي تم اعتقاله بتنسيق بين المكتب الفيدرالي الأمريكي والجيش الأمريكي لتورطه في التخطيط لتنفيذ أعمال إرهابية بالإضافة إلى علاقته مع عناصر منتمية لتنظيم "داعش"، كان قد أثار انتباه المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني في الصيف الماضي بتوجهاته الجهادية وتشبعه بالفكر المتطرف.

وأوضح الشرقاوي أن ذلك استوجب من المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني إخبار المكتب الفيدرالي الأمريكي خلال شهر شتنبر 2020 بمعلومات دقيقة بخصوص هذا العسكري الأمريكي وكل ما يتعلق بنشاطه المتطرف، وقدرته على التخطيط لهجوم إرهابي على النصب التذكاري لأحداث 11 شتنبر 2001 في مانهاتن بنيويورك، كما أنه متهم بمحاولة تقديم دعم مادي لتنظيم "داعش" ومحاولة اغتيال عسكريين أمريكيين.

والمثير للانتباه في الاستراتيجية الأمنية المغربية الخاصة بمكافحة الإرهاب هي قدرتها على الوصول إلى المعطيات الدقيقة بشأن العديد من العمليات التي يتم التخطيط لتنفيذها في دول أخرى، وهو ما حدث سنة 2016، عندما كشفت وكالة الأنباء الألمانية أن أجهزة المخابرات المغربية "كانت على علم بوجود احتمال لتنفيذ هجوم إرهابي، وأنها أخبرت نظيرتها في برلين بمعلومات تفصيلية حول منفذ الهجوم التونسي أنيس عمري، حيث كشفت لها أنه كان على علاقة بمتطرفين مغاربة في ألمانيا".

ونشرت الوكالة الألمانية مضامين وثيقة صادرة عن لجنة برلمانية كُلفت بالتحقيق في هجمات برلين، تحمل تحذيرات من المخابرات المغربية لنظيرتها الألمانية من أنيس عمري ومن شخصين آخرين أحدهما مغربي والثاني فرنسي من أصل مغربي، والذين كانوا يتواصلون مع جهاديين تابعين لتنظيم "داعش" في سوريا والعراق وليبيا، كما أخبرتها أن الشخص التونسي أعلن استعداده لـ"القتال"، كما تطرق لـ"مشروع لا يستطيع الحديث عن عبر الهاتف".

غير أن المكتب الاتحادي للشرطة الجنائية في ألمانيا قام بالتحري عن معلومات القادمة من المغرب لدى المكتب الاتحادي لحماية الدستور، الذي يمثل جهاز المخابرات الداخلية في ألمانيا، وهذا الأخير فضل التأكد من الأمر عن طريق وكالة الاستخبارات الأمريكية، وقبل أن يأتي الرد كانت العاصمة الألمانية تعيش الرعب مساء يوم 19 دجنبر 2016، حيث اقتحمت شاحنة سوقا لاحتفالات رأس السنة وشرعت في دهس مرتاديه متسببة في مقتل 12 شخصا وسقوط عشرات المصابين.

وخلال العقد الماضي، أصبحت الخبرة المغربية والنموذج الاستخباراتي والأمني للمملكة، القائمة على تتبع خيوط الخلايا الإرهابية والأشخاص المشتبه تورطهم في التطرف، مُغرية للعديد من الدول من أجل بناء شراكات عملية مع الرباط، تقيها العديد من التهديدات، على غرار فرنسا التي أكد وزير خارجيتها الأسبق، برنار كازنوف، في نونبر من سنة 2016، أن التحذيرات المغربية ساعدت على إفشال مخطط إرهابي كان يتم الإعداد له منذ فترة طويلة، والذي كان يستهدف مدينتي مارسيليا وستراسبورغ.

وكان التعاون في مجال الإرهاب، إحدى دوافع إسبانيا الرئيسية لطي صفحة الأزمة مع الرباط التي امتدت ما بين أبريل 2021 ومارس 2022، وبعد زيارة رئيس الوزراء الإسباني للمغرب في أبريل من العام الماضي ولقائه بالملك محمد السادس، حل بالرباط فرانسيسكو باردو بيكيراس، المدير العام للشرطة الوطنية الإسبانية مرفوقا بأوخينيو بيريرو بلانكو المفوض العام للاستعلامات، ورافاييل بيريز المفوض العام للشرطة القضائية، وشخصيات أمنية أخرى، للاجتماع بعبد اللطيف الحموشي، المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني.

والملاحظ أن مكافحة التهديدات التي تشكلها جماعات الإرهاب المتطرف وشبكات الجريمة المنظمة التي تنشط بمنطقة غرب البحر الأبيض المتوسط، كانت في صدارة المباحثات، وبعدها بفترة وجيزة، وتحديدا في 11 يناير 2023، أعلن المكتب المركزي للأبحاث القضائية عن تنفيذ عملية أمنية مشتركة مع المفوضية العامة للاستعلامات الإسبانية، أفضت إلى تفكيك خلية موالية لتنظيم "داعش" ينشط أحد عناصرها باشتوكة آيت باها، واثنان آخران في ألميريا، كانوا ينشطون في "نشر وترويج الفكر المتطرف بغرض التجنيد والاستقطاب"، كما أبدوا استعدادهم "للانخراط في عمليات إرهابية بعد تعذر التحاقهم بمعاقل التنظيم بمنطقة الساحل".

 الجزائر.. وأزمة هُوية سَحيقة

انحدر النظام الجزائري إلى حفرة عميقة من التاريخ للبحث عن هوية مفقودة، يبني بها شرعيته كنظام قتل 250 ألف جزائري في العشرية السوداء (2002-1991). وهو ذات النظام الذي يبحث، أيضا، ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...